علّموا أولادكم تشريح الضفادع!
حزنت على حالنا عندما رأيت أطفال المرحلة الابتدائية في فيلم ET وهم يقومون بتشريح الضفادع في حصة العلوم في المدرسة، ذلك العمل الذي لا يقوم به لدينا سوى طلبة الطب والصيدلة والعلوم. إن تشريح الضفادع يعطي فكرة عامة عن الجسم البشري، كيف يعمل؟ كيف يبدو من الداخل؟ ما هو الأورطي؟ وبم يتصل؟ وأين يقع الكبد؟ ومن أين تمر الأوردة والشرايين؟ وكيف تلتف هذه الأمعاء الطويلة في هذا المكان الصغير؟ وهذه معرفة أساسية لكل إنسان فليس أولى من أن تتعرف على جسدك.
نحن شعب قليل المعرفة الطبية، إن لم يكن معدومها، والسبب في ذلك هو نظامنا التعليمي القاصر. لا نكاد نتعلم شيئًا عن الأمراض والأدوية وطرق العلاج في مناهجنا الدراسية، بعكس المواطن الأمريكي والأوربي الذي يمتلك معرفة طبية مرتفعة جدًا، تؤهله لأن يناقش الطبيب المعالج وأن يستفسر منه عن الحالة بالضبط، وذلك طبعًا نتيجة لما تعلمه في المدارس.
مازال الناس في بلادنا ينخدعون بإعلانات الجرائد عن الكبسولة السحرية التي تفقدك أربعين كيلوجرامًا من وزنك في يومين، وعن الكبسولة السحرية أيضًا، التي تخلصك من مرض السكر نهائيًا، والأعشاب التي تعالج كل شيء عجز عنه الطب الحديث، من السرطان وحتى الإيدز. ومازالوا يحجّون إلى النصابين الذين يعالجون بدم الحمام، ولحم القطط، وكاسات الهواء، وطاسة الخضة. ويعتقدون أن مرض السكر ينجم عن أكل السكر، وأن الفاكهة التي تنتمي إلى الموالح سميت هكذا لأنها تمتلئ بالملح، ويقيسون حرارة الطفل باليد، ويتعاطون المضاد الحيوي لكل الأسباب غير المنطقية الممكنة، حتى أن المضادات الحيوية العادية لم تعد تجدي بتاتًا في بلادنا.
ليس تعليمنا قاصرًا من الناحية الطبية فقط، بل من نواح مهمة أخرى أيضًا، من أهمها المعرفة القانونية. هناك حد أدنى من المعرفة القانونية يجب أن يتسلّح به المواطن حتى لا يتورّط في قضايا مهلكة. يجب أن نعلّم الطالب في المدرسة ألا يوقّع على ورقة دون أن يقرأها مثلاً، وأن من حقه أن يطالب ضابط الشرطة الذي يستوقفه في الشارع، بأن يبرز هويته حتى لا يقع ضحية لنصاب، يجب أيضًا أن نعرّفه بالجرائم التي يعاقب عليها القانون في بلده حتى يتجنّبها، وبحقوقه حتى يطالب بها.
ينقصنا أيضًا أن نتعلم كيف نتصرّف في المواقف المختلفة، كيف نقوم بالإسعافات الأولية اللازمة لإنقاذ حياة إنسان؟ ماذا نفعل عند حدوث حادث مروري؟ عند حدوث حريق؟ ما رقم الإسعاف؟ ما رقم المطافئ؟ ما رقم النجدة؟ كل هذه أشياء يتعلمها الطالب في المدرسة في الدول المتقدمة، لهذا نجد أن لهم سلوكًا موحّدًا في المواقف لأنها أشياء يتعلمونها منذ الصغر، بينما التخبّط هو الشيء الوحيد الذي نشترك فيه.
إن التعليم الجيّد هو المفتاح الأساسي لصنع مواطن صالح، والمواطن الصالح هو ما نحتاج إليه لنتمكّن من عبور الهوّة التي تفصل بيننا كدول نامية- وبينهم.
------------------------------
* كاتب من مصر.
ميشيل حنا*
حزنت على حالنا عندما رأيت أطفال المرحلة الابتدائية في فيلم ET وهم يقومون بتشريح الضفادع في حصة العلوم في المدرسة، ذلك العمل الذي لا يقوم به لدينا سوى طلبة الطب والصيدلة والعلوم. إن تشريح الضفادع يعطي فكرة عامة عن الجسم البشري، كيف يعمل؟ كيف يبدو من الداخل؟ ما هو الأورطي؟ وبم يتصل؟ وأين يقع الكبد؟ ومن أين تمر الأوردة والشرايين؟ وكيف تلتف هذه الأمعاء الطويلة في هذا المكان الصغير؟ وهذه معرفة أساسية لكل إنسان فليس أولى من أن تتعرف على جسدك.
نحن شعب قليل المعرفة الطبية، إن لم يكن معدومها، والسبب في ذلك هو نظامنا التعليمي القاصر. لا نكاد نتعلم شيئًا عن الأمراض والأدوية وطرق العلاج في مناهجنا الدراسية، بعكس المواطن الأمريكي والأوربي الذي يمتلك معرفة طبية مرتفعة جدًا، تؤهله لأن يناقش الطبيب المعالج وأن يستفسر منه عن الحالة بالضبط، وذلك طبعًا نتيجة لما تعلمه في المدارس.
مازال الناس في بلادنا ينخدعون بإعلانات الجرائد عن الكبسولة السحرية التي تفقدك أربعين كيلوجرامًا من وزنك في يومين، وعن الكبسولة السحرية أيضًا، التي تخلصك من مرض السكر نهائيًا، والأعشاب التي تعالج كل شيء عجز عنه الطب الحديث، من السرطان وحتى الإيدز. ومازالوا يحجّون إلى النصابين الذين يعالجون بدم الحمام، ولحم القطط، وكاسات الهواء، وطاسة الخضة. ويعتقدون أن مرض السكر ينجم عن أكل السكر، وأن الفاكهة التي تنتمي إلى الموالح سميت هكذا لأنها تمتلئ بالملح، ويقيسون حرارة الطفل باليد، ويتعاطون المضاد الحيوي لكل الأسباب غير المنطقية الممكنة، حتى أن المضادات الحيوية العادية لم تعد تجدي بتاتًا في بلادنا.
ليس تعليمنا قاصرًا من الناحية الطبية فقط، بل من نواح مهمة أخرى أيضًا، من أهمها المعرفة القانونية. هناك حد أدنى من المعرفة القانونية يجب أن يتسلّح به المواطن حتى لا يتورّط في قضايا مهلكة. يجب أن نعلّم الطالب في المدرسة ألا يوقّع على ورقة دون أن يقرأها مثلاً، وأن من حقه أن يطالب ضابط الشرطة الذي يستوقفه في الشارع، بأن يبرز هويته حتى لا يقع ضحية لنصاب، يجب أيضًا أن نعرّفه بالجرائم التي يعاقب عليها القانون في بلده حتى يتجنّبها، وبحقوقه حتى يطالب بها.
ينقصنا أيضًا أن نتعلم كيف نتصرّف في المواقف المختلفة، كيف نقوم بالإسعافات الأولية اللازمة لإنقاذ حياة إنسان؟ ماذا نفعل عند حدوث حادث مروري؟ عند حدوث حريق؟ ما رقم الإسعاف؟ ما رقم المطافئ؟ ما رقم النجدة؟ كل هذه أشياء يتعلمها الطالب في المدرسة في الدول المتقدمة، لهذا نجد أن لهم سلوكًا موحّدًا في المواقف لأنها أشياء يتعلمونها منذ الصغر، بينما التخبّط هو الشيء الوحيد الذي نشترك فيه.
إن التعليم الجيّد هو المفتاح الأساسي لصنع مواطن صالح، والمواطن الصالح هو ما نحتاج إليه لنتمكّن من عبور الهوّة التي تفصل بيننا كدول نامية- وبينهم.
------------------------------
* كاتب من مصر.
ميشيل حنا*